مقابله مع المخرج المكسيكي اليخاندرو غونزالز عن فيلمه Birdman






المُقابلة التالية بعد صدور فيلمه Birdman عام 2015:-

-         مرحباً، هنيئاً لك على فيلمك بيردمان Birdman، أخبرني، لماذا اخترت " فضيلة الجهل الغير مُتوقعه " كنعوان بديل لفيلم " بيردمان “؟
اليخاندرو: لقد كُنت اقُول دائمًا أن عدم المعرفة أكثر قوة من التجربة، وفي بعض الأحيانّْ، فأن الاشخاص الذين يتعرضون لظروف مُعينة يُمكن أن تأتيهم فضيلة بشكل مفاجئ، وهذا ما حدث لبطل الفيلم.

-         ما الذي جعلك تختار قصة الكاتب رايموند كارفر “ما الذي نتحدث عنه عندما نتحدث عن الحُب " كمسرحية في داخل الفيلم؟
اليخاندرو: لقد كانت فكرة مُريعة. (ضحك) لقد أحببت أعمال كارفر مُند طفولتي، وهو أحد كُتابي المُفضليِن، ولكن ان تَتَبنّى أحد قصصه فهي لفكرة انتحارية. وهذا شبيه لسؤالك الأول: لأنك لو لمّْ تعرف ما الذي تتعامل معه وتختاره سيبدو لك الأمر سهل. لقد افتتحت الفيلم بمُقّتطف مِن قصيدة لكارفر ، وقد كتبها قبل موته، القصيدة تتكلم عن الشي الذي نبحث عنه في الحياة، وقد مات الرجل وهو في الخمسين من عمره والشيء الوحيد الذي كان يريده، هو أنّْ يشعر بأنه محبُوب.. وهذا بالضبط ما أريده، والقصة التي أخترتها، تحكي عن مجموعه من الناس التائهين والذين يبحثون عن معني الحُب. بطريقة ما، القصة القصيرة، والقصيدة وبطل فيلمي " ريجين “، مرتبطين ببعض. لقد أردتُ المسرحية نفسها أنّْ تكون مُسلطه عليه، وشئياً فشيئاً، يُصبح ريجين كأنه واحد من شخصيتها.. كأنها انعكاسٌ عن حياته.

-          يبدو كما لو أنك قُمت بتبّني كِتاب " الاعتراف " لتولستوي؟
اليخاندرو: لقد كان كارفر يقرأ قصة الاعتراف لتولستوي قبل موته، وعِندما كتَبَ تولستوي الاعتراف، كان في سنوات نجاحه العُليّا، تقريباً، في نفس عمر كارفر حينها، ولكنهما كانا يمران بنفس الأزمة.. أزمة الشهرة، ولكنهما على حافة الانتحار، لأنهما لم يشعرا بمعني الحياة. وهذا مُضحك لأن كلاّ الكاتِبان مرا بنفس الأزمة في نفس العُمر. أحُب كارفر، وأحُب تولستوي. ولقد صار عمري 51 الأن، وانا أمر بنفس الأزمة، ما معني هذه الحياة اللعينة؟ ما معنها؟ بطريقة ما، تُصاب بالاكتئاب، وأعتقد أنّْ قصيدة كارفر يُمكن تعبر عن حياتنا جميعاً. كلنا نبحث عن نفس الشيء، العاطفة، وهو الشيء الذي يبحث عنه بطل فيلمي، في أحد المشاهد ستقول له زوجته " انت دائماً تخلط بين الحُب والعطف “وهذا أمر خطير، يرتكبه كل البشر.


-          المقطع الثالث من فيلمك " Amores Perros " كان عن رجل يسأل نفسه " ما الذي سيأتي من حياتي؟ " وهو نفس السؤال الذي طرحه تولستوي في كتابه "الاعتراف" وأحد شخصيات فيلمك " 21 غريمز " تطرح نفس السؤال، ولنقل إنه أيضاً في فيلم "Biutiful"، كل شخصياتك تسأل "ما الذي أصبحتُه في هذه الحياة؟ "
اليخاندرو: همم، أنا احكي نفس القصة في كل أفلامي. .

-          انا لم اقصد هذا، هل تتذكر أين كُنت عندما مات مايكل جاكسون وفارييه فاوتت؟ لقد كُنا في كوريا معًا عِندما حدث هذا، لقد مات مايكل جاكسون في عمر مُقارب لكارفر وأنت الأن، أيّ في الخمسينات، وربما كارفر، ومايكل جاكسون، وبالتأكيد ريجين، يعشون نِهاية النفق بطريقة ما هذا ما أعنيه..
اليخاندرو: تستطيع العبور من النفق، لكن هذا يعتمد على مدى ظُلمة الساحبات التي تعيق طريقك، أعتقد أن هُناك وقت عِندما تصبح الأشياء التي ترضيك أو المهمة لكّ غير مُهمة. الوقت يجري، أضواء الحفل تُطفئ، لم يعد هناك مكعبات ثلج في الدلو، وقد تلاحظ أن الحفل سينتهي في أي لحظة.. في كتاب "الاعتراف" لتولستوي، لقد عثر على طريقة ليتمسك بها بالحياة، وقد عاش فعلاً ثلاثين سنة أخري.

-          تولستوي، وكارفر، ومايكل جاكسون، وريجين، كلهم يتعاملون مع نجاح مُبهر لا يُصدق، وبطرق كثيرة، كان يجب أن يشعروا بالرضي عن أنفسهم، لكنهم لم يفعلوا...
اليخاندرو: هذا ما أريد أن أتحدث عنه في فيلمي، وأتمنى بطريقة ما أن الفيلم، نجح في ايصال هذه الفكرة. حاولت البقاء بعيداً عن السُخرية، لأنني شخصياً أكره السخرية.. السخرية وسيلة جيدة لتعامل مع الأشياء. أن تستعملها بشكل عقلاني. ولكن في الخمسين سنة الأخيرة، البوب كالتشر (ثقافه البوب) كانت ضحية للسخريات، وأي شيء جِدي، أو حقيقي أو عاطفي لم يعد مُثير للاهتمام.. والوسيلة الوحيدة لتعامل مع هذا هو بالسُخرية. لا يوجد شيء أخر، السخرية صارت الرأس الذي يعض ذيله، وبهذا لا يوجد طريقة اخري. لهذا، افضَّل المُزاح على السُخرية عندما أحاول أن أوضح الخطأ من تجارب الحياة. عندما تري الأشياء رأسًا على عقب، الأمر يمكن ان يكون مُضحك، سخيف، لكن ايضاً مأسوي في نفس الوقت، لهذا لا يمكنني السخرية.

-          كلما تكلمت عن تِلك الماسي في أعمالك، اقول “لكنه شخص يُحب الضحك" في كل مرة نجلس معاً للأكل، نضحك معاً كثيرًا.
اليخاندرو: لم يكنّْ بإمكاني صُنع مِثل هذه الدراما من دون أدوات لإبقائها مستمرة، من المعروف أنّْ الكوميدي لديه دائمًا جانب مظلم في عقله، في حالتي، اظن أن الامر مطابق. الطريقة الوحيدة لتغوص أعمق هي أن تمتلك ميزان، شيء متوازي.

-          انت تُحب الحياة، ولكن كل افلامك فيها شيء عن الموت، أو احتماليه الموت..
اليخاندرو: أكره فكرة إننا سنموت. ولعلي أحاول التحرر من هذا الخوف، فبالتمرد عليه أحاول التخلص منه. والموت هو الشيء الوحيد المؤكد لنا، مع ذلك فأن الفكرة مؤلمة جدًا.

-         في حالة بطل فيلم بيردمان، فهو موت مُختلف، موت أحلامه ربما؟
اليخاندرو: أنه هاجس الفنان لتجاوز المحنة، صحيح؟ أعرف من خلال تجربتي، إننا نتصور في أنفسنا – أننا سنتجاوز الوقت والمحنة من خلال الفن– انها خيالات طفوليه.. مشاركتنا في الواقع، صغيرة جداً ولا تعني شيء في الكون الواقعي. لهذا السبب شخصية "سام (إيما ستون) " تُحضر لفة المناديل الورقية وترسم عليها خطوط توضح الجنس البشري عبر العصور في كوكب الأرض، كأن لا أحد مِنا يعني شيء. وهذه الفكرة جاءتني من ابنتي. كان لديها تمرين في مادة علم الكلام. ومن الجميل ان تفكر بأنك مرتاح من أي مسؤوليات، و تفكر في التحرر المُطلق من أي هواجس، ولكن في نفس الوقت الأمر صعب، لذلك كان امتحان ريجين، هو أن عليه أن يتجاوز المحنة و أنّْ يفعل شيء له قيمة، أنّ الأمر صعب عليه.. وبينما هو يحاول مواجهة الشخصيات الأخرى، يظهر له صوته الداخلي ليقول له "أنت لا تستحق شيء، وإنك لست فنان ”.

-         بالحديث عن التجاوزات، كانت شجاعة منك لتطرح اللقطة الاخيرة..
اليخاندرو: جاءتني الفكرة في مُنتصف التصوير. لم يكن النص هكذا... في النص الأصلي ، كانت النهاية مُختلفة بالكامل، وقد شعرت بأنه لن يكون جيّد إنهاء الفيلم بهذه الطريقة. لم يكن هناك مصدقيه في رأي.. ولهذا فكرت فيها من جديد مع مساعدي في الكتابة، وجاءتني الفكرة الجديدة في الصباح، بعد أن شهدتُ حلمًا، وقُلت لنفسي: اللعنة، هذا هو، هذه هي الطريقة التي اريد إنهاء فيلمي بها.

-          هل حلمت بالنهاية؟
اليخاندرو: اجل، لقد جاءتني في حُلم، وحين استيقظت، عرفتُ إنها هي ما أريد. أتمنى من الناس أن تشعر بمشاعر الشخصيات، لقد كان هُناك نهايات كثيرة، وأنا سعيد بهذه النهاية، لأنها أعجبتني.

-         هل سبق وأن غيرت نهاية فيلم كُنت تعمل عليه من قبل..
اليخاندرو: لا، أبدًا، أقوم بتغير بعض الأمور، ولكن هده كانت حركة استثنائية..

-         ماذا كان رأي مايكل كيتون في هذه النهاية عندما أخبرته عنها؟
اليخاندرو: لقد أحبَهَا، حتى نظّرته لشخصيته تطورت بعد ذلك، لقد ساعدهُ الأمر على فهم هذه الشخصية أكثر، وقد اتقنها فعلا ..


-          جمعت  مايكل كيتون، وإيما ستون، وزاك غاليفياناكس.. كل هؤلاء المُمثلين الذين ظهروا غالباً في أعمال كوميدية.

اليخاندرو: لقد أردت جمع الناس الصادقة، وفي نفس الوقت الذين يظهرون كأنهم أشخاص مِثلنا، شبهين بنا وخفيفين، حاولت ان أقيس طاقاتهم، مع قوة إدوارد نورتن وايما وزاك، حاولت دمج هذه الطاقات، لأحقق للشيء الذي أريده.


-          اغلب أحداث الفيلم وقعت خلف الكواليس لقاعة مسرح في الداخل ، لقد كان هُناك نوع من التوتر جعل الشخصيات كلها تبدو كأنها سجينه الكواليس.
اليخاندرو: أردت الناس أن تشعر بشعور العالقين في المتاهة، وهي خشبه مسرح صُنعت منذ خمسة وثمانون عامًا مضى، ريجين عالق لثلاثة أيام حتى ليلة الافتتاح الكبير، وأردت المشاهد أن يشعر بأنه عالق معه هُناك، لا يستطيع الهروب..


-         متي قررت ان تجعل الفِيلم كله يبدو كأنه لقطة واحدة طويلة؟

اليخاندرو: منذ أن تخيلته للمرة الأولي، عرفتُ مُنذ البداية أنه سيكون هكذا.. تكلمت مع " والتر مورش " المُحرر، كيف أنني أريد الفيلم أن يظهر مثل الحياة الواقعية صورة واحدة لا مُنتهيه من دون اي قصّ وقطع، منذ اللحظة التي نفتح فيها عيوننا في الصباح نحنُ نصور حياتنا من دون أي تعديل أو تحرير لها، التعديل يأتي فقط عِندما نتكلم عن حياتنا او نتذكر الماضي، أردتُ أن أضع نفسي في تجربه شخص يعيش في وقت مُستمر من دون أن أهرب عنه لحظة. وقد أخبرني مُحرري بأمر مثير للاهتمام، قال لي ان هُناك ظاهرة تنص على أنه، عِندما تتحرك العين من النقطة ألف إلى النقطة باء، أنها تتجاوز بعض الاشياء، وعقلك هو الذي يملئ ذلك الفراغ بالأشياء.. هُناك تعديل لكن العقل يملئه من الذاكرة.


-          جون هوستون كان يقول بأن كل غمزة عين هي قطع، و الصورة ستظل طويله علي مدي قدرة الشخص علي ترك عينه مفتوحة ..

اليخاندرو: هذا ما كان يقوله مُحرري، وهذا سيكون نقاش طويل

-         نعم بالتأكيد أنت تحاول أن تكون نفسك (ضحك).
اليخاندرو: فعلاً، لقد فكرت كثيراً بأن، ريجين -مايكل كيتون، هو الشمس، وكل الشخصيات الأخرى هي الكواكب من حوله.


-          هل كُنت من البداية تريد كيتون للدور؟
اليخاندرو: بصراحة، مُنذ أن أنهيت كتابه السيناريو، عرفت انه هو الرجل المطلوب للدور، أحب القوة التي يتكلم بها، هناك مُمثلين كُثر ارتدوا بدلة البطل الخارق، ولكن ما أريده شخص يجمع بين البطل والانسان، بين خيال الفيلم والواقع. وفوق هذا أريد مُمثل موهوب في هذا العُمر، يجمع بين الكوميديا والدراما، ويكون واقعي، وبهذا صار مايكل الشخص التي تخيلته.


-         انه مُمثل مجنون جداً، اعتقد أنك تحب هذا النوع من المُمثلين؟

اليخاندرو: بالطبع، لقد حصلت على فرصة للعشاء مع تِيم بروتون (مخرج باتمان) وسألته “لماذا اخترت مايكل كيتون لدور باتمان 1989 " فقال لي "بالإضافة للمساته الكوميدية، انه ذكي جداً، ورجل مجنون، وتستطيع ان تري هذا في عينيه " يستطيع ان يظهر كما لو انه شخص عادي، ومحبوب، ومضحك، وخفيف، ولكن لو أراد، سوف يتحول لشخص اخر في لحظة. وبصدق، لقد عملت مع مُمثلين عُظماء، ولكن لم اري اي شخص يتحول بسرعه من رجل مُضحك لشخص غريب، او مجنون، او عاطفي، ويعود مجنون مرة اخري. هذا ما يجعل اللحظات تبدو جميله وانسانية، لقد فوجئت بالعمل معه كثيراً، أنه مبهر بشكل لا يصدق.


-          لا اعرف كيف تمكن من جعلك تنبهر هكذا، لأنك تلعنّ الكثير من المُمثلين، واتذكر انني تحدثُ مع أحدهم مرة فقال: " يا إلهي، أحُب اليخاندرو ... ولكن العمل معه صعب. "

اليخاندرو: (ضحك) لذيّ سُمعه سيئة، ولكن أنا افعل ذلك لأسبابي، انا اعرف ما الذي تحتاجه شخصياتي، وهو مرعب لبعض المُمثلين والمُمثلات، ولكني احاول مساعدتهم ليستخدموا الخوف للوصول للهدف. و الذي ألعنه هو الشيء الذي جعلهم يلعنونني عليه، و هو الفعل الصادق ، لا يهم إن كان سيء او جيد ما دمتّ صادق في عملك ، انها مسؤولتي كفنان ، في هذه الحالة ، اعُطِي كل مُمثل صورة لفيلبس بيت يعبر بين برجان توأمان علي اسلاك عالية و اقول لهم "انا لا استطيع ان اخفي ادائك ، و لا استطيع ان اخفي اخطائي ، و لا استطيع ان ازيف اي شيء ، ولا استطيع حتي ان احطم الفراغ و الوقت ، انا عالق مثلك تماماً في هذا ، و علينا كلنا ان نمسك بأيدي بعضنا ، سنكون مثل حشد من الفِيلا تعبر هذا البرج اللعين، حظاً موفق!" و قد كانت  دائمًا هكذا ، و سوف اكرر ذلك مجدداً غدا ..


مقابله مع المخرج المكسيكي اليخاندرو غونزالز عن فيلمه Birdman مقابله مع المخرج المكسيكي اليخاندرو غونزالز عن فيلمه Birdman Reviewed by Roya on 3:47 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.