مقابلة: المخرج اليخاندرو غ . ايناريتو (لا يوجد طريقة بإمكانها ايقافك)

" لا يوجد طريقة  بإمكانها إيقافك "




-         مرحبًا سيد أليخاندرو ، هل يحتاج صانع الأفلام إلي أنّ يعيش أفلامه ؟
    أعتقد أن كل فيلم هو امتداد لنفسك. لا يهُم عما يتحدث.. كل فيلم قمت بصنعه حتى الأن هو امتداد لذاتي. أحياناً أشعر بأن الأفلام تختلط بالواقع. يظهر فجأة خطٌ غريب غير واضح ويختفي. وما يحدث في الفيلم يبدأ بالإحاطة بحياتك بشكل حقيقي جداً.. لقد حصل هذا لي عدة مرات.

-          في أي فيلم بالتِحديد؟

في هذه المرة، مع فيلم " العائد The Revenant" الصَّرعات الجسدية التي احتوها الفيلم أصبحت فِعلاً جزء مِن حياتنَا اليومية. صار الماء بارد جداً، في أحد الأيام وصل الطقس إلى 40 درجة تحت الصفر. الواقع الجسدي للشخصيات ظهر في حياتنا واختلط مع تجربتنا الجسدية.

-         لماذا كُنت مُصرّ على تصويره تحت مثل هذه الظروف؟

 كُنت سعيد جداً بالخروج إلى الطبيعة والعودة لطرق التَّصوير التقليدية وأصول السِينما حيث تحدث الأشياء فِعلا ًونقوم بتصويرها في أماكنها الحقيقة. حيث لم نكنّ مُجبرين على خلق عالم من حولنا مِثل بناء المجسمات أو تصميمها على الكمبيوتر. فجاءة نحنّ في الخارج مع عناصر الطبيعة والضوء الحقيقي.. كان واضحًا أنه مهما كان استخدام الكمبيوتر أو صُنع المجسمات جيد، لنْ يكون بمثل قوة الطبيعة.

-         لِما لا؟

  ليس فقط بسبب التعاقيد والجَّمال، ولكن بسبب حالة الذهن التي تمنحها لهؤلاء الذين يعملون علي صُنع الفيلم. لذي الطبيعة انعكاسات على كل شيء، هل تعلم؟ أحب حقًا خوض تجربة هذا الإحساس. أوديسة صُناعة الفيلم أصبحت الفيلم نفسه. لقد أصبحنا الصَّيادون نفسهم الذين في الفيلم، كانت تجربة عظيمة جسديًا وعاطفيا.. 
                          
-         هذا يذكرني بعمل المخرج " فرنر هيرزوغ" في فيلم Aguirre حيث صدق بأن الظروف القاسية لتصوير الفيلم في الغابات المطرية في البيرو، سوف تتسرب لداخل الفيلم.

 نعم، فيلم هيرزوغ كان مُلهما كبيرًا بالنسبة لِي. حتي المُخرج " أكيرا كوروساوا " صنع فيلم أسمه "Dersu Uzala " و هناك أيضاً فيلم "Apocalypse now". في هذه الأفلام يواجه الإنسان الطبيعة والنظر لمشاهد الطبيعة landscapes التي بطريقة ما، تُمِلئ الحالة العاطفية للشخصية.. أحب حقاً هذه الأفلام.

-         ولكن تصوير الأفلام بمثل هذه الطريقة يأخذ ثمنه أيضاً. خلال إنتاج فيلم Aguirre ، كادا أن يقتل هيرزوغ و المُمثل"كلاوس كينكسي " بعضهما  كنتيجة لضغط العمل .

 نعم، عِندما تكون هُناك، سوف تعلم أنه أصعب بعشرات المرات مِما تتصور. فقد كان الفيلم نتيجة قرارات ساذجة اتخذتها. وقد اتخذتُ هذا القرار لأنني أعمى بالكامل. تخليت عن فرص العمل بشكل مُرِيح داخل استيدو في المقابل للقتال كل يوم لأجل صناعة الفيلم. هذه الحالة. كانت مِثل تسلق الصُخور؛ عِندما تبدأ بتسلق الجِدار من دون الحبـل و بينما تكون في المنتصف، تدرك بأنك لو ارتكبت أي خطأ فسوف تموت. كان هذا هو موقفي مع هذا الفيلم كل يوم من أيام التصوير.

-          هذا يبدو فظيع.

أجل فهو لأمر مُخيف كم أكون مجنون أحيانا! كان مِن المُمكن أن يكون أسوء. فأي شيء قابل لتحول إلي خطأ بسهولة. كل يوم كان هُناك الكثير من التحديات. تُصبح "الكائن" في عملك الخاص. وأحياناً أنت "الإله " وأحيانا أنت المخلوق.. وهُنا أنت مُجرد "مخلوق " يُحاول النجاة من الأشياء التي خلقها. والمُخاطرات المالية، والأشياء التي من المُمكن أن تحدث بالخطأ في مثل هذا المشروع، توقعاتي كانت عالية، بأننا حقاً كٌنا عالقين. لقد كنتُ عالِق في قوانينِ الخاصة. لم يكون بإمكاني العودة للوراء؛ اصطدمتُ بالحائط. وإذا لم أنهيه، أو لم أنهيه بالطريقة التي أدرتُها، بعدها ستكون كارثة أكبر.. أنه مِثل السّباق "المارثون" – لا يوجد طريقة للتوقف؛ يجب عليك الإنهاء. تشعر بانك مُتردد، ولكن عليك الإنهاء بأية طريقة.


-          لا شك بأن مهنتك أثرتّ على علاقتك الزوجية؟
    
 أتمنى أنّ لا أطُلق قريبا! (ضحك) لقد كان صعبًا جدًا.. إنه امر صعب. صُنع الأفلام يتطلب الكثير، إنه يأخذ مِنك الكثير من الوقت. وأنت بعيد عن كل الأشخاص الذين يحتاجونك، وهذا واحد من الأجزاء الصعبة في الرحلة.


-         لقد كُنت ما تزال تعمل علي " العائد The Revenant " عِندما ربحت الأوسكار العام الماضي لفيلم "بيردمان Birdman" . ألم تفكر بأنه حانّ الوقت لأخد فاصل؟

لقد بدأت الجري في سباقين لهذا أحتاج لتوقف بالفعل. للصراحة، لم يكن عندي حتي وقت لِفهم ما حصّل مع فيلم بيردمان Birdman! إنه موقف غريب وأعتقد أنني يجب أن أرتاح بضعة شهور حتى أفهم ماذا حصّل في حياتي في أخر عاميين أو حتي عام ونصف.. في العادة أستغرق عامين أو ثلاثة ما بين كل فيلم وأخر، لهذا فأنّ الشيء الوحيد الذي أفكر فيه الأن هو إنني سأمنح نفسي راحة خلال السنوات الثلاثة القادمة. إنني حقًا أحتاج للراحة.

-         هل تحتاج إلي مُنتج مثل "أرنون ميلكان" الذي أنتج فيلم بيردمان  و العائد و الذي ساهم في أفلام أخري مِثل " حدث ذات مرة في أميركيا " و "برازيل " – لجعل مثل هذه الأفلام الطموحة مُمكنة ؟

 بالتأكيد. تحتاج إلى رجل لديه شغف حقيقي، مع ذوق مُتيقن، ويكون مُحب للفنّ، ومَجّنون – بشكل إيجابي – كل هذا في وقت واحد لجعل أفلام مثل هذه حقيقة.

-         هل يقلق المنتجون الأخرين كثيراً بسبب الأرباح المادية؟

لهذا السبب لم يعد يوجد مثل هذه الأفلام، لأن كل المُمولين الأن يشاركون في الإنتاج فقط من أجل الربح. وعندما يتحكم الربح في كل شيء، تصبح الأفلام سِلعة، أو وسيلة مريحة للربح من دون إقلال اي شخص للحصول علي أكبر عدد من الجمهور ... إن هذه الحالة الخطيرة التي نوجهها الأن هي إن كل شيء الأن يدور حول الربح. أنا لستُ سأدج لأقول بأن الوضّع كان مُختلف فيما مضى. لقد كانت هكذا تجري الأمور على الدوام، ولكنها الأن أسوء بكثير من أي وقت مضى.

-         لو بأماكنك، هل سوف تقوم بإعادة صنع فيلم " العائد " بنفس الطريق من جديد؟

لستُ نادم علي صُنعه أبداً. أظن أن كل ما مررت به يستحق العناء. أنا فخور به جداً. ولكن لن أقوم به من جديد. (ضحك) لقد كان صعب جداً. جداً، ومُتعب جدا. فقد صار مِثل مُحاولة للنجاة أكثر من كونه فيلم. كصانع أفلام، لقد كنت في لحظات صعبه جدا وتحدي قوي.

-         كيف عثرت على الأمل في تِلك اللحظات؟


 أحياناً عِندما تفقد الإيِمان وتفهم بأن هذا الشيء يستحيل أن يكون مُمكن بنفس الطريقة التي حلِمتُّ بها، ولكننك تستمر في المُحاولة، فجاءة هناك شيء ينقلب وتُعيد استوعاب كل شيء من جديد. وما لم يكنّْ يعمل فجاءة يتدفق. عِندما تكون في لحظات صعبة، صعبة جداً من اليوم وهناك الكثير مِنْ الإحباط لأن لا شيء يسير بالشكل الصحيح – لكنك لم تستسلم بعد –  حينها كل شيء يحدث كما ينبغي! هذا تقريباً الشيء الأكثر غرابة. 

أجريت معه هذه المُحاورة بتاريخ 27 - 1 - 2016 علي موقع مجلة the Talks
مقابلة: المخرج اليخاندرو غ . ايناريتو (لا يوجد طريقة بإمكانها ايقافك) مقابلة: المخرج اليخاندرو غ . ايناريتو (لا يوجد طريقة بإمكانها ايقافك) Reviewed by Roya on 12:44 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.